كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في الحفل الذي أقيم لمنح المملكة الأردنية الهاشمية جائزة فرانكلين ديلانو روزفلت الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في الحفل الذي أقيم لمنح المملكة الأردنية الهاشمية جائزة فرانكلين ديلانو روزفلت الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة

الولايات المتحدة الأميركيةنيويورك
23 آذار/مارس 2005

أشكركم جميعاً. يشرفني أن أتقبل هذه الجائزة، نيابة عن جميع الأردنيين - بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة - الذين يعملون بنجاح كبير لتحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة ومستقبلهم.

يجول في خاطري اليوم، بشكل خاص، ذكرى مرور ستين عاما على فجيعة العالم برحيل فرانكلين ديلانو روزفلت والتي ستحل خلال بضعة أسابيع. هذا الرجل الذي انطلق من شلل قدميه ليصبح نصيراً للحرية العالمية. وبالمعنى الأوسع، فقد أدرك روزفلت أنه إذا أريد لهذه الأرض أن تزدهر وتنمو أحوالها، فإنه يتوجب أن يتمتع جميع الناس بحرية الوصول إلى الوعد. لقد عمل روزفلت على إيجاد حياة أفضل، ليس لنفسه أو لوطنه فحسب بل لأبناء العالم كافة.

إن الذين يعملون منا في هذه الأيام من أجل التنمية والإصلاح العالميين، يحتذون بنموذج روزفلت. إننا نعلم أن على المجتمعات الحرة والناجحة أن تفتح أبواب الفرص والأمل للجميع، لأن لكل شخص الحق في أن يعيش حياته على أفضل نحو ممكن، ولكل شخص دور يسهم من خلاله بخدمة وطنه.

تشكل هذه الفلسفة محور التزام الأردن نحو ذوي الاحتياجات الخاصة. وهو التزام يبدأ بالعمل المخلص من قبل أناس كثيرين. واستذكر هنا أولاً وقبل كل شيء، والدي جلالة المغفور له الملك الحسين - طيب الله ثراه - ورسالته الخالدة بأن الإنسان الأردني هو أغلى ما نملك. كما أذكر مسؤولي القطاع العام المخلصين والعاملين في المنظمات غير الحكومية، وكذلك المواطنين العاديين الذين يقومون بمبادرات هائلة في هذا المجال.

لقد كان قانون رعاية المعوقين الذي أصدره الأردن في عام 1993 معلماً رئيسياً بارزاً، فهذا القانون يؤكد على حق المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وأسس المجلس الوطني لرعاية المعوقين. وهذا المجلس يضم في صفوفه قادة من كافة شرائح المجتمع الذين يتحدثون باسم ذوي الاحتياجات الخاصة ويسعون لتلبية احتياجاتهم وضمان حقوقهم. وقد أسفر العمل العظيم الذي يقوم به المجلس عن برامج عديدة لتشخيص مشكلات المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على وضع الحلول المناسبة لها.

واسمحوا لي أن أضرب بضعة أمثلة: فهناك برامج جديدة للكشف المبكر، واستشارات جينية جديدة بأدوية متطورة، وبطاقات تأمين صحي مجاني لذوي الاحتياجات الخاصة، ومرافق تعليمية مصممة خصيصاً لهم، ومواصفات بناء جديدة، وتعليم جامعي مع الإعفاء من دفع 90% من الرسوم للأردنيين من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يجتازون امتحان شهادة الدراسة الثانوية، ووحدة تنفيذ خاصة للإشراف على فرص العمل، وتوفير لغة الإشارات خلال نشرات الأخبار المحلية التلفزيونية، وفي المساجد خلال صلاة الجمعة. وهنالك قيد الإنشاء مركز تدريب وطني لإعادة تأهيل المجتمع المحلي.

لقد انضم الأردن أيضاً إلى المجتمع الدولي في دعم النشاطات الرياضية وكنا فخورين جداً بمشاركة الأردن في الألعاب شبه الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة التي أقيمت مؤخراً في أثينا.

لا بدّ من القول أن البلدان النامية تواجه تاريخياً تحدياً خاصاً في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ يبدو من الصعب على الاقتصاديات الضعيفة تلبية الاحتياجات الاستثنائية: من رعاية صحية وتعليم متخصص، والاستيعاب في المجتمع وأماكن العمل، والخدمات المناسبة الكافية للنقل والاتصال. كما يمكن أن يؤدي الضرر الذي يحدثه الصراع الإقليمي إلى إعاقة التقدم.

إن نهج الأردن إزاء ما يواجهه من تحديات هو الاستثمار في مكامن قوتنا، فنحن مقتنعون بأن نهجاً شاملاً إزاء التنمية والإصلاح يسهم في تقدم المجتمع بأسره، لذلك التزمنا بضمان أن تكون أنظمتنا الاجتماعية والتربوية والاقتصادية مفتوحة أمام مواطنينا من ذوي الاحتياجات الخاصة.

لكن لا يمكن لأي بلد وحده أن يحقق النجاح في هذا العالم المترابط. وفي الوقت الذي نمضي فيه قدماً، فإننا نسعى إلى دعم جميع أعضاء الأمم المتحدة في صياغة اتفاقية حول حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. دعونا نتكاتف من أجل تحقيق هذا الهدف المشترك وأن ننظر إلى الأمر باعتباره قضية ملحة إلى أقصى درجة.

أودّ أن اغتنم هذه الفرصة للتعبير عن تقديري العميق لجميع الأردنيين الذين حظي عملهم بالتقدير بمنحهم الجائزة في هذا اليوم، ومن بينهم عدد كبير من المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين، وكثير من الأفراد، بمن فيهم أفراد من عائلتي، ممن عملوا بقلوب صادقة وبذلوا أقصى ما لديهم من جهد على مدى عقود عديدة خدمة لهذه القضايا.

لا بد لي أيضاً من أن أعرب عن اعترافي بفضل كثير من ممثلي المجتمع الدولي المخلصين والمنظمات غير الحكومية. وأعتقد أننا استلهمنا ديناميكية اللورد موريس من مانشستر وعمله الجاد، وهو الرائد في حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. وأودّ أن أخص بالشكر رئيس اللجنة العالمية لذوي الاحتياجات الخاصة، ألآن رايخ، والسفير وليم فاندن هوفل من مؤسسة فرانكلين وإليانور روزفلت، وأفراد عائلة روزفلت البارزين، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وفريقه.

أيها الأصدقاء، لقد اعتبر فرانكلين ديلانو روزفلت في عام 1931 دعم ذوي الاحتياجات الخاصة بأنه "قضية كبرى وواحدة من أعظم قضايا الإنسانية" وهي اليوم قضيتنا، والأردن يفخر بكونه جزءاً من تلك الجهود. إننا ندعو الجميع للانضمام إلينا للعمل من أجل مستقبل حافل بالفرص والأمل.

أشكركم جزيل الشكر...