مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع التلفزيون الاذري
التلفزيون الأذري: جلالة الملك. بدأت العلاقات الوثيقة بين الأردن وأذربيجان بالتطور منذ عام 1993 بجهود بذلها سياسيان كبيران هما الرئيس الأذري الراحل حيدر علييف وجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال. بالنظر الى هذه العلاقات، كيف تقيمون ديناميكية هذا التطور؟
جلالة الملك: كما ذكرت تربطنا علاقات رائعة أرسى أسسها قائدان شجاعان وكان لهما تأثير كبير على بلدينا، وأود القول ان هذه العلاقات مستمرة بشكل وطيد من خلال الزيارة التي قمت بها لبلدكم وأنا اتطلع للقاء الرئيس يوم الأحد هنا في الاردن. إن هذه مرحلة جديدة في العلاقات بين أذربيجان والأردن، وهي علاقة أعتقد أنها ستمكننا من المضي معا قدما نحو تحقيق الطموحات التي يحتاجها شعبانا. لذا فأنا سعيد جدا بهذه الزيارة لأنها تمنحنا الفرصة لتمتين علاقتنا، فلطالما تمتعنا بعلاقات سياسية جيدة، ولكننا بحاجة لتمتين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه العلاقات، وهذا أمر مهم جدا في رأيي وأنا اتطلع الى مستقبل مشرق في هذا المجال.
التلفزيون الأذري: ذكرتم العلاقات الاقتصادية وأعتقد ان هناك خططا وفرصا للتعاون في المجال الاقتصادي. ما المجالات المتاحة في الاقتصاد الاردني التي تعتقدون انها ستستقطب رجال الأعمال الأذريين ؟
جلالة الملك: اننا مهتمون جدا في مسألة التجارة، ولكن كي تعمل الدول معا بطريقة اكثر مهنية، فإننا بحاجة للنظر الى الفوائد المشتركة. هناك جوانب تجارية تهم الأردنيين مثل قطاع الأدوية والعناية الصحية والوصول التجاري الى أذربيجان، بالاضافة الى النظر الى أذربيجان باعتبارها مفتاحا للمنطقة.
لقد أرسلنا بعض الوفود الى بلادكم، كما استقبلنا بعض الوفود الأذرية هنا في الأردن، ونحن نهتم أيضا بموضوع التقارب بين شعبينا، والتحدي الماثل أمامنا الان هو الربط بين بلدينا برحلات جوية دولية، بحيث يتمكن الشعبان من الوصول الى بعضهما البعض، وآمل ان نستمر في غضون الأشهر القادمة في تشجيع القطاع الخاص في الجانبين لتبادل الزيارات وتحديد نقاط الاهتمام الرئيسة التي تمكننا من المضي قدما.
التلفزيون الأذري: ماذا عن قطاع الطاقة؟
جلالة الملك: لديكم خبرة كبيرة في هذا القطاع، ولدينا في الأردن موارد وطنية ونأمل ان يكون هناك تعاون على هذا المستوى وهناك الكثير من الفرص المتاحة في المستقبل. كما أعتقد ان اذربيجان ستكون مثالا يحتذى للمنطقة بأسرها، وآمل ان تكون كدولة اسلامية نموذجا لنا جميعا.
التلفزيون الأذري: جلالة الملك، تربطكم صداقة جيدة بالرئيس إلهام علييف كما كانت تربط الرئيس الراحل حيدر علييف صداقة متينة بوالدكم المغفور له ايضا، كيف تنظرون الى هذه العلاقات الطيبة وأثرها في تطوير العلاقات الثنائية.
جلالة الملك: أعتقد انها مهمة، فالقائدان الكبيران كانت تربطهما علاقة رائعة جدا ونتيجة لهذه العلاقة، ارتبط الاردن واذربيجان بعلاقات سياسية وثيقة. وأعتقد ان دوري ودور الرئيس كجيل شاب يكمن في توطيد العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين بلدينا. كما أعتقد اننا خطونا خطوة جيدة في هذا الاتجاه فزيارة الرئيس الأذري الى الأردن يوم الأحد ستعمل على تمتين هذه العلاقات وتقويتها. سيشهد هذا العام فصلا جديدا في العلاقات بين بلدينا لتعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية التي هي على درجة كبيرة من الاهمية.
التلفزيون الأذري: لطالما دعمتم موقف أذربيجان لايجاد حل لنزاع كاراباخ. ما هو رأي جلالتكم في الجهود التي تبذلها أذربيجان لحل هذه المشكلة بالوسائل السلمية؟
جلالة الملك: إننا نؤمن دائما بأن الحوار هو السبيل لتحقيق تقدم وذلك بالتواصل مع الاخرين. لقد كانت هناك دائما سياسة حكيمة في التعامل مع القضايا كافة التي تواجهها اذربيجان، انتهجها فخامة الرئيس ووالده الراحل وهذا مثال آخر على الجوانب المشتركة بين الأردن واذربيجان، فانتم تعيشون في منطقة مضطربة جدا كما هو الحال بالنسبة لنا وهذا عامل مشترك آخر بين بلدينا، ولكنكم تحاولون دائما استخدام لغة الحوار والتواصل في محاولة لحل المشاكل بالوسائل السلمية، وهذا أمر لا يثمنه الأردن فحسب، بل والعديد من البلدان في المجتمع الدولي ايضا.
التلفزيون الأذري: إننا في اذربيجان كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى نثمن عاليا جهود جلالتكم الرامية الى تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. هلا أطلعتمونا على رأي جلالتكم في مسألة ترسيخ أسس سلام دائم في منطقة الشرق الاوسط؟
جلالة الملك: هذا الأمر يمثل تحديا كبيرا وعقبة لعقود عديدة بالنسبة لنا جميعا في المنطقة، ولكني ما زلت اعتقد ان القضية الجوهرية تظل المشكلة الفلسطينية الاسرائيلية، وقد كانت دائما كذلك وهي القضية الاكثر إثارة للمشاعر وهذا هو التحدي الكبير الذي يواجهنا. وفي الوقت نفسه، فإن نافذة الفرص المتاحة محدودة جدا من أجل التوصل الى سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، لأنني أعتقد أنه لم يبق الكثير جغرافيا من الدولة الفلسطينية على ارض الواقع، وإن لم نحقق مستقبلا للفلسطينيين في المستقبل القريب، أخشى أن تتوجه المنطقة بأكملها إلى عدم الاستقرار. يجب أن يقدم الفلسطينيون والاسرائيليون على اتخاذ خطوة هامة وحيوية في الاشهر القادمة في محاولة لحل مشاكلهم، الامر الذي يمكن الاسرائيليين بعد ذلك من حل مشاكلهم مع الدول العربية والاسلامية. لذلك، فهناك الكثير من العمل أمامنا وعلينا ان نأمل من الله بأن نتمكن من تحقيق السلام والاستقرار للاجيال القادمة.
التلفزيون الأذري: ما رأي جلالتكم بالحراك الدبلوماسي الذي يجري أخيرا في المنطقة. وماذا عن زيارة جلالتكم الى واشنطن؟
جلالة الملك: هذا جزء من جهود مشتركة تبذلها العديد من الدول في المنطقة، وهي بالتحديد الأردن والسعودية ومصر والامارات العربية المتحدة، لإيجاد أرضية مشتركة بين الفلسطينيين والاسرائيليين حتى يتمكنوا من المضي بالمفاوضات قدما. لقد جاءت زيارتي الى الولايات المتحدة أخيرا في هذا السياق وتركزت مباحثاتنا مع المسؤولين الأميركيين ومع الرئيس الأميركي حول محاولة ايجاد مظلة تمكن الفلسطينيين والاسرائيليين من الجلوس معا في المستقبل القريب جدا واطلاق العملية السلمية على أمل تحقيق انجاز قبل نهاية هذا العام والا فان المستقبل سيجلب معه الكثير من المتاعب.
التلفزيون الأذري: ذكرتم سابقا أن زيارتكم لأذربيجان في العام الماضي كانت بمثابة مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية وستكون زيارة الرئيس الهام علييف للأردن بمثابة الخطوة التالية في هذه المرحلة. ما الذي سيتم بحثه في هذه الزيارة وماذا تتوقعون منها؟
جلالة الملك: أعتقد انها ستكون استمرارا للمباحثات التي اجريناها في المرة السابقة عندما كنا في بلادكم حول كيفية تمتين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ويبدو ان المباحثات السياسية هي الأسهل لأن وجهات نظرنا من هذه الناحية متقاربة جدا وتربط بلدينا علاقات أخوية. فنحن سياسيا نشترك في وجهات النظر نفسها، لكن التحدي الماثل أمامنا يكمن في كيفية تعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين بلدينا وتشجيع القطاع الخاص في كل من البلدين لتبادل الزيارات وتفهم بعضهم أكثر. كما نحتاج كذلك لتقليل إجراءات الروتين الحكومي في كلا الجانبين، لضمان التعاون بين الحكومتين في مجال التعليم أو الصحة أو الدفاع والمجالات الأخرى. علينا ألا نهدر الوقت وأعتقد هنا أن الرئيس رجل أفعال ويرغب بتحقيق انجازات سريعة لبلاده. كما أعتقد أننا بذلك نشترك في الطموحات نفسها لشعبينا اذ نرغب برفع مستوى معيشة الناس بالسرعة الممكنة.
التلفزيون الأذري: سؤالي الأخير، بفضل جهودكم وجهود جلالة المغفور له جلالة الملك الحسين، هل يمكن وصف الأردن بأنه جسر بين الشرق والغرب؟
جلالة الملك: أعتقد أن هناك العديد من الدول التي تقوم بهذا الدور بين الشرق والغرب، فبلدكم مثلا يحتل موقعا استراتيجيا، وقدرتكم على التجسير بين الشرق والغرب مهمة، وكلما أمعنا النظر في كل من الأردن واذربيجان، وجدنا بيننا قواسم مشتركة أكثر. وأعتقد ان كل من جلالة المغفور له والرئيس الراحل ارتقيا ببلديهما الى مواقع مهمة، والمسؤولية الآن تقع على كاهل القيادات الشابة لضمان المضي قدما.