مقابلة جلالة الملك مع قناة إم. إس. إن. بي. سي.
أندريا ميتشل: جلست هذا الصباح حصريا مع جلالة الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، للتحدث عن التصعيد في الصراع الأمريكي مع إيران والجمود في جهود السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين.
جلالة الملك عبدالله الثاني: هنالك قضايا وتحديات في التعامل مع إيران، ومجددا، بالنسبة لنا، الاعتداءات على السعودية، أمر شديد الأهمية للأردن، فلدينا علاقات متميزة مع الأشقاء السعوديين. ونحن ملتزمون بالدفاع عن أشقائنا. وقد حذرنا خلال الأشهر الستة الماضية أو أكثر من التصعيد، وحاولنا تهدئة الأمور. وهذا ما حصل نسبيا خلال الصيف، لكن الاعتداء على أرامكو زاد من التصعيد.
هذا الأسبوع في غاية الأهمية في نيويورك، لأننا كما أعتقد نحاول جميعا معرفة كيفية التراجع عن الهاوية والحرب.
ميتشل: نشرت صحيفة الوول ستريت جورنال تقريرا يبين أن الكثير من الخبراء يرون أنه من غير الواضح أن إيران تقف خلف هذه الاعتداءات، هل تعتقد أن إيران وراء هذه الاعتداءات بشكل قاطع؟
جلالة الملك: التقارير حول نوع الأسلحة المستخدمة من طائرات مسيرة وقذائف، تشير إلى أن هذا الفعل تقف خلفه دولة، ولكن من المحتمل أنها قامت بذلك من خلال مجموعات.
ميتشل: تقصد وكلاء؟
جلالة الملك: أعتقد كلنا نعرف من المتهم. ولكن لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ وهل بإمكاننا تهدئة الأمور الآن وتفادي التهور؟
ميتشل: هل تعتقد أن الدبلوماسية ما زالت ممكنة، وهل ينبغي على رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لقاء روحاني إذا أمكن ترتيب هكذا لقاء؟
جلالة الملك: مرة أخرى، إذا كان بالإمكان عقد اللقاء، فيجب أن يكون له هدف واضح، وبالتالي فإن الرئيس هو من يستطيع أن يقرر إن كان ذلك خيارا مناسبا. ولطالما آمنت أنا شخصيا، كما كان يؤمن جلالة المغفور له الملك الحسين، أن الدبلوماسية والحوار والتواصل مع الآخر هي الطريقة الوحيدة للمضي قدما، وإلا فما البديل؟ البديل هو العنف، ولقد تعلمنا، بصعوبة، في منطقتنا، أنه من السهل البدء بالحروب، لكن من شبه المستحيل الخروج منها.
ميتشل: تقوم الولايات المتحدة بحملة ضغط هائلة، وفرضت مؤخرا عقوبات على البنك المركزي الإيراني، كيف سترد إيران عندما يتم الضغط عليها بأشد العقوبات التي تقع على أي دولة في العالم؟
جلالة الملك: مرة أخرى، علينا الحذر، فحين ندفع أحدهم إلى الزاوية ولا يكون لديه شيء يخسره، فإن ذلك سيؤدي إلى مشاكل جديدة. دائما أحاول أن أوضح أن التحدي بالنسبة لإيران هو أنهم يعطون أنفسهم تقديرا عاليا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهم يستطيعون التأثير بقضايا في العراق وسوريا ولبنان، من خلال حزب الله، وكذلك في اليمن، ولكنهم يحصلون على درجة أقل عندما يتعلق الأمر بالسياسة الداخلية. نعلم أنهم يواجهون مشاكل في دفع الرواتب، وأعتقد أن الإيرانيين محبطون داخل بلدهم، ولكن أي بلد يواجه تحديات خارجية يتحد فيه الشعب من أجل وطنهم، لذا مرة أخرى أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون أذكياء في تحديد الهدف والاستراتيجية التي يمكن أن نتوافق عليها جميعا للتأكد من قيام إيران بوقف التصعيد ولنتمكن من تهدئة التوتر في الخليج.
ميتشل: صدر تقرير مستقل عن البنتاغون الشهر الماضي يشير إلى أن داعش عادت للظهور في العراق وسوريا منذ انسحاب معظم القوات الأمريكية، وأنه بالرغم من أن ليس لديها أراض إلا أنها تعمل من خلال العالم الافتراضي وترفع علمها في مخيم الهول. هذا تهديد مباشر لكم؟
جلالة الملك: من وجهة نظر أمنية فيما يتعلق بالحدود، فقد حاربنا داعش على جبهتين حدوديتين مع سوريا والعراق لمدة من الزمن، ولسنا قلقين من ذلك، لكنك على حق. وبشكل تكتيكي، الحملة في سوريا خلال العام الماضي دفعت بهم إلى خارج أراضيها وإلى جنوب الفرات وباتجاه غرب العراق.
ولهذا تواصل الأردن ومصر مع العراقيين لرفع مستوى التنسيق، ويجب علينا أن نضع في عين الاعتبار أنه فيما يخص سوريا فإن قواعد اللعبة تتغير اليوم، حيث أننا كما اعتقد نتجه صوب التركيز على قضايا دستورية لتساهم في تحريك الوضع في سوريا في الاتجاه الصحيح.
وعلينا أن نتذكر أن هناك مسألتين في سوريا، وهما كيفية التعامل مع الشق السياسي، وكيفية النهوض بالمجتمع، ولكن فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، ليس في سوريا فحسب بل في غرب العراق أيضا، وربما بسبب التركيز على تحقيق السلام فقد رأينا كيف نشأ في الجنوب السوري فراغ لأن قوات التحالف لم تعد منخرطة بالعمل هناك، فشهدنا عودة لداعش. كلنا ندرك ذلك، وننسق فيما بيننا، ولكنا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود. وخلال الأشهر الستة القادمة، إذا لم نراقب بكثب ما يحدث في غرب العراق وسوريا، فنحن نترك المجال لداعش لفرض واقع جديد وإعادة تأسيس نفسه.
ميتشل: لم تفرز الانتخابات الإسرائيلية أية نتيجة حتى الآن، وقد يتجهون لجولة ثالثة من الانتخابات إذا لم يستطيعوا تشكيل حكومة، هل هذه لحظة حاسمة بالنسبة لحل الدولتين الذي يخشى البعض أنه قد انتهى بسبب سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل؟ فالفلسطينيون تم إقصاؤهم من العملية، والقدس الآن هي العاصمة ولم تعد بندا من بنود مفاوضات الحل النهائي. إذن، أين نقف الآن في ظل مساندة الولايات المتحدة لسياسات نتنياهو وإقصاء الفلسطينيين من أي دور دبلوماسي؟
جلالة الملك: قرار اللجوء إلى جولة أخرى من الانتخابات هو بيد الإسرائيليين. أعتقد أن لدى الرئيس الإسرائيلي دورا كبيرا في تحديد ماهية الحكومة التي سيطلب تشكيلها، وفي تلك اللحظة، نحن جميعا، وأقصد هنا المجتمع الدولي ككل وليس فقط منطقتنا، سنقف سويا لنعيد التركيز على ما يراه معظمنا أنه الحل الوحيد، وهو حل الدولتين.
إن كان حل الدولة الواحدة، كما أشرت، فإننا نتحدث عن مستقبل من الفصل العنصري (أبارتايد) في إسرائيل، وأعتقد أن ذلك سيكون كارثيا على الجميع. لذا فنحن ننتظر ونراقب عن كثب لنرى كيف يمكننا أن نساعد، وعلينا أن نرى ماذا سيحصل في الأسابيع القليلة القادمة.
ميتشل: عندما تسمع تصريحات عن ضم إسرائيل للضفة الغربية، كيف ترد على ذلك؟
جلالة الملك: أنا لا آخذ التصريحات الانتخابية على محمل الجد بشكل عام، ولكن تصريح كهذا لا يساعد على الإطلاق. لأنه يقوم من خلاله بتسليم الخطاب لأسوأ الأشخاص في منطقتنا، وبينما نحن الذين نريد السلام ونريد أن نمضي قدما، نصبح أكثر عزلة.
إذا كانت السياسة المتبعة هي ضم الضفة الغربية، فهذا سيكون له أثر كبير على العلاقات الأردنية الإسرائيلية وعلى العلاقات المصرية الإسرائيلية أيضا، فنحن البلدان الوحيدان المرتبطان باتفاقيات سلام مع إسرائيل، ولكن إذا أرادت حكومة واحدة الحصول على كل شيء تريده دون أن تقدم تنازلات في المقابل، فما هو المستقبل؟ إلى أين نحن ماضون إذا لم نتمكن من التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش سويا، لنرسل رسالة للمستقبل؟ وحاليا كل ذلك في خطر. إذا كنا نتحدث عن أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري بقوانين مختلفة لليهود عن تلك الخاصة بالمسيحيين والمسلمين، فإن هذا سيؤجج الصراع في الشرق الأوسط. لقد كان الأمر محيرا عندما صدرت هذه التصريحات.
ميتشل: بما أننا نتحدث عن الأزمات، فإن العبء على المملكة بسبب أزمة اللجوء السوري واللاجئين الآخرين والضغط على الاقتصاد الأردني هائل في ظل وجود 700 ألف لاجئ سوري.
جلالة الملك: إنها ظروف صعبة، فعبء اللاجئين يوازي عبور 60 مليون كندي الحدود الأمريكية خلال سنتين أو ثلاث سنوات. وفي ذروة الأزمة السورية، كانت ثاني أكبر مدينة لدينا مخيما للاجئين وكانت بحجم شيكاغو من ناحية حجم السكان. لقد وصلنا 63 بالمائة مما نحتاجه لرعاية اللاجئين السوريين، وهذا العام تلقينا 6 بالمائة فقط. فالمشكلة أن هناك ضغطا هائلا على الاقتصاد الأردني وعلى الشعب الأردني. لقد قمنا بفعل الصواب لأن هؤلاء كانوا هاربين من العنف والكراهية، ولكن ذلك كان صعبا علينا للغاية، ونحن نعمل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لنمنح الأردن المساحة اللازمة للنمو، ولكن العملية كانت تحديا كبيرا بالنسبة لنا.