مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة السياسة الكويتية
السياسة: جلالة الملك... لاحظنا في الآونة الأخيرة أن همس رجالات الطبقة السياسية القديمة، ولنسمِّهم برجال الحرس القديم، قد خفت أو تلاشى، فما سر ذلك؟
جلالة الملك: أعتقد أن القناعة برؤيتنا للأمور قد ترسخت، نحن لم نطرح سوى ما يهم شعبنا ويلامس احتياجاتهم ومتطلبات الجيل الجديد من بناتنا وأبنائنا، أكدنا منذ البداية انه يجب إعطاء الفرص للجميع.. فمثلاً في بداية الأمر ذهب البعض للقـول (الملك بدل ما يضع الحاسوب في المدارس إحنا بدنا أكل على الطاولة)، أنا رؤيتي أنه يجب تأهيل الجيل الجديد وتسليحه بالعلم والمعرفة والمهارات حتى يستطيع المنافسة (بدل ما أعطيه السمكة جاهزة بعطيه الصنارة وبعلمه كيف يصيد)، الآن بدأ الناس يتفهمون ما أقول، أنه لا يوجد فرق بين الفقير والغني في المستويات العقلية والذهنية، فالعقل البشري واحد عند الفقير وعند الغني، أي أن الكفاءة موجودة لدى الفئتين، وبدرجة واحدة، لكن الفرص هي التي تلعب دورها في هذا المجال وهذا ما أسعى إليه، فبقدر ما تعطي الطلبة فرصاً متساوية بقدر ما ينجحون، وعندما ينجح الطالب يتأهل لسوق العمل ويستطيع أن يحصل على وظيفة، ويطور نفسه بعد ذلك.
الآن لا يوجد حرس قديم وحرس جديد، فالكل يتعاون وينسق لمصلحة البلد، لأن الجميع على قناعة بأننا نسير معا إلى الأمام، هذا جانب من جوابي على سؤالك، أما الجانب الثاني، فهو أننا أدخلنا الجميع في ورشة حوار متواصلة، فقبل الحرب على العراق مثلا ولمدة أكثر من نصف سنة، التقيت مع كل الفعاليات في مختلف مناطق المملكة على موائد الغداء مرتين في الأسبوع، وأخذنا نتحاور في مجمل الأوضاع، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وكان يلتقي حول هذه الموائد ما بين عشرين وثلاثين مدعواً، وكنا نقول لهم ها أنذا يا جماعة بينكم، ومعي رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والتربية والتعليم والتعليم العالي. بدنا نتكلم عن أوضاع العراق، وعن القضية الفلسطينية، ونتحدث عن همومنا الداخلية، وكنت أقول للمشاركين في الحوار: أريد أن اسمع منكم حول هذه القضايا المثارة وكنت اسمع وأصغي.
الحوار شمل كتلاً مختلفة، وكافة شرائح المجتمع... شمل الأحزاب والطلاب، وكنت أقول للجميع عندما أتحدث عن "الأردن أولاً" سياسياً فإني لا أستطيع أن أقول لكم أن "الأردن أولا" كمفهوم سيطبق رغما عنكم، يجب أن يكون بيننا وبينكم نقاش وحوار ومشاركة في هذه المسألة، ومضينا في هذه الحوارات لمدة طويلة وكانت النتيجة أن المواطن بدأ يشعر أن له دور وله صوت في كل ما يجري ويدور، وأهم ما في الأمر أنني أطمئن لمستقبل الأردن بعد هذه الحوارات، وبعد أن أرى الجميع يشارك بفعالية وانفتاح حول كل ما يهم وطنه، وأن ما كان يلفت انتباهي ويجلب السعادة إلي هو لقاءاتي مع طلبة الجامعات، كل هؤلاء الذين كنا نحاورهم من الطلبة كانوا يطرحون عليّ سؤالاً: يا جلالة الملك، في الانتخابات لماذا عليّ أن انتخب المرشح ابن منطقتي أو ابن عشيرتي، وأنا أعرف مسبقاً انه على مستوى متواضع من الكفاءة؟ كان جوابي لهم: اسأل هذا المرشح ما هو برنامجك لتطوير الاقتصاد والتعليم والمدارس مثلاً، وللأسف - وكما أخبرني الطلبة - فإن بعض المرشحين لم تكن لديهم خطة، وكنت أقول لهم أيضا: انتخبوا المرشح القادر على وضع برامج من أجل تحسين حياتكم ومستوى معيشتكم.
المواطن يريد أن يشعر أن لديه دور في رسم مستقبل حياته، وبالنتيجة فإنه يريد مرشحا يمثله ولا يركز على الأمور الجانبية والشخصية، ومن جهتي أريد إيجاد فرص عمل للجميع وأن أقضي على الفقر والبطالة، نحن أمامنا خلال الأربع سنوات القادمة الكثير لتطوير وضعنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، في هذه السنوات نريد أن نعمل ونتعاون مع النواب لنخرج بنتيجة تتطابق مع ما يتطلع إليه الجيل الجديد من آمال نحو المستقبل، حتى عندما يفكر هذا الجيل بعد أربع سنوات بمن يريد أن ينتخب، يكون موقفه "أريد المرشح الفلاني لأنه يمثل تطلعاتي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية" واعتقد أن الناس بدأت تشعر أن علينا عملاً كثيراً ننجزه باتجاه تحقيق التنمية السياسية، فبدل أن يبقى البعض يشتكي وينتقد، أصبح الكل طرفاً في الحوار وفي نهاية الأمر، سيجد الجميع أن عليه أن يلعب دوراً في تطوير الأردن.
السياسة: جلالة الملك.. معظم قادة الدول العربية يجاورها حرس سياسي قديم، وخصوصاً القيادات الجديدة الشابة.. أشرتم جلالتكم الآن بما يوحي أنه لم يعد موجوداً في الأردن حرس قديم.. هل هذا ما ذهبتم إليه؟
جلالة الملك: المسألة ليست حرس قديم وحرس جديد، بل قد تكون الرؤية مختلفة بعض الشيء... في البداية أعطيت الجيل الجديد فرصة للمشاركة، وكانت هذه رسالة للجميع، أنهم إذا أرادوا أن يشاركوا فيجب عليهم أن يحترموا ويؤمنوا بتعدد الآراء.. الآن تشعر أن الجميع بمن فيهم من أسميتهم "رجال الحرس القديم" قد انخرطوا في المسيرة وأصبحوا يقولون نريد أن نشارك ونعمل معا... في الماضي كانوا يقولون نحن نفهم أكثر من هذا الجيل، لكن خليني أكون معك صريح.. الآن بعد ما شعر الجميع أن المسيرة ماضية للأمام أصبح الكل يشعر أنه جزء منها، ولم يعد أحد يقول أنا أفضل من هذا أو أفضل من الجيل الجديد، والأكثرية الآن بدأت تقتنع بتوجهات الأردن نحو المستقبل.
السياسة: جلالة الملك.. طرحتم شعار "الأردن أولا"، ما هو مبرركم لذلك؟
جلالة الملك: بصراحة... عندما بدأ التفكير بإجراء الانتخابات النيابية أجـرينا دراسـة (استطلاع رأي عام) أظهرت النتائج أن 48% من المواطنين لا يكترثون إذا كانت هناك انتخابات أو لم تكن (أي مش فارقة معهم) ومعنى ذلك أنه إذا أجريت عملية انتخابية بوجود تقاعس من المواطنين، من الذي سينجح ويفوز بالمقعد النيابي، لا اعتقد أن الفائزين سيمثلون الأغلبية والشريحة الواسعة من المواطنين، سوف ينجح من سيكون على طرفي اليمين واليسار، وقناعتي أنه كلما زاد عدد المشاركين في عملية الاقتراع، فإنك تكون قد جلبت المجتمع إلى الوسطية، ولذلك كنا نركز على الجيل الجديد على الطلاب ونحفزهم على أن ينغمسوا أكثر في الانتخابات ويعطوا صوتهم للأردن، وفعلا هذا الجيل هو الذي أحدث الفرق، وشارك في الانتخابات ما يقارب 60% من المواطنين وهذا الإقبال على الاقتراع لم يتحقق مثله لا في بريطانيا ولا في أمريكا... الأردن أولا ليس شعارا وحسب، بل هو حفز لكل أردني للمشاركة في صنع القرار، وأن يجسد هذا المفهوم من خلال العمل والانتماء والإنجاز، وهو أيضا تكافؤ فرص وعدالة ومساواة... أشرت لموضوع الانتخابات، لأن الإنسان يستطيع أن يعبر عن موقفه ورؤيته من خلالها.
أنا أرى أنه علينا أن نطور الوضع السياسي في المنطقة ونطور الديمقراطية حتى يكون الجميع شركاء في المسؤولية... كل العالم طور نفسه ومضى باتجاه الديمقراطية بينما نحن في الوطن العربي ما نزال نقف في مكاننا... بصراحة أنا لا أستطيع أن أقول أن الديمقراطية هي كذا وكذا ويجب أن تكون هكذا وهكذا ... أنا أريد أن اسمع من الآخرين، نحن بدأنا بالانتخابات ورفعنا شعار الأردن أولا لأني كنت أريد تشجيع الجميع على المشاركة وعلى التصويت وأن يأخذوا دورهم في البرلمان، بدأنا بالأردن أولا للانتخابات ولمستقبل الأردن بعد عشر أو خمسة عشر سنة، ونحن مرتاحون سياسياً ومدركون لدورنا الإقليمي ودورنا بالنسبة لأشقائنا في فلسطين والعراق ولقضايا العرب والمسلمين أيضاً، وعندنا ثقة مطلقة في موقفنا السياسي إقليمياً ودولياً، وفي الوقت نفسه نهتم أولاً وأخيراً وكثيرا بمستقبل شعبنا، عندما يكون الأردن قوي في الداخل ووضعه الاقتصادي والاجتماعي أقوى، فإن موقفنا اتجاه دعم الأشقاء الفلسطينيين والعرب سيكون أقوى أيضاً.
السياسة: جلالة الملك... لقد جرت الانتخابات في الأردن فهل جاءت وفق المعطيات التي تحدثت عنها، أي أسفرت عن توعية الناس بأهمية المكان الذي يشرّع لهم ويقرر مستقبلهم، أم شابتها العشائرية والقبلية كما في السابق؟
جلالة الملك: وضعنا اليوم أفضل بكثير... والنتائج لم تكن عشائرية، ونحن عندما كنا نفكر قبل ذلك بكثير بإجراء الانتخابات، وخشية من أن تفرز لوناً واحداً، ولتحقيق العدالة بين الجميع، تداركنا الموقف ورفعـنا عـدد المقاعد من (80) مقعـداً إلى (110) مقاعد، وزدنا عدد مقاعد النساء.
دعني أقول لك أن الديمقراطية عملية متواصلة لا تتحقق بين يوم وليلة، بعد أربع سنوات إن شاء الله ستكون الأمور أفضل وبعدها أفضل أيضا، وسننظر في أمر تطوير العملية الانتخابية وفق ما يريده شعبنا وما تقتضيه الظروف. وعلى العموم أنا أشعر الآن أن هناك تحسنا في الوضع لكن الأمور تحتاج إلى وقت.
السياسة: جلالة الملك.. أنتم أكثر الزعماء العرب تردداً على واشنطن.. وأنتم صاحب منطق تخاطبون فيه الأمريكيين.. هل هذه الزيارات محصورة فقط بمناقشة الهموم المحلية الأردنية، أم أنها تتجاوزها إلى هموم أكبر وأوسع؟
جلالة الملك: أقول لك بكل صراحة أنه خلال هذه الزيارات نحن نتكلم عن مشاكل الإقليم أكثر بكثير مما نتكلم عن مشاكلنا، وكل همنا هو الدفاع عن الموقف العربي وتوضيح صورة الإسلام والدفاع عن قضايا العرب والمسلمين.. فعندما نزور واشنطن ونمضي ساعة مثلا مع الرئيس بوش فإن نصف الساعة الأول يخصص للنقاش حول الموضوع الفلسطيني، ونصف الساعة الآخر حول قضية العراق، أما ما يخص المواضيع التي تتعلق بالأردن فأثيرها وأنا أهم بالمغادرة، وأقول نحن لدينا بعض الأمور التي تحتاج إلى مساعدة، ففي آخر زيارة لي لواشنطن، وحول مطالب الأردن، قلت للذين كنت أجتمع معهم، أرجوكم أعطوا وزير التخطيط بعض الدقائق، ليتحدث عن وضعنا في الأردن، وبماذا نفكر لتطوير اقتصادنا وماذا نريد من دعم، فأنا كل اهتمامي كان منصباً للحديث عن الشؤون التي تتعلق بقضايا العرب وبالذات قضيتي فلسطين والعراق وسرقنا الوقت.
وهذا أيضا ما يحصل حين أقابل المسؤولين في بريطانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم، فأنا مثل والدي رحمه الله أخجل من طلب مساعدات تخص بلدي.
السياسة: جلالة الملك.. حدثنا عن زياراتك المتكررة لدول مجلس التعاون الخليجي؟
جلالة الملك: العلاقات الأردنية الخليجية متميزة جداً، نحن نعتبر أن مصلحتنا ومصلحة دول الخليج واحدة وهمومنا مشتركة، وبصراحة كل محادثاتي في الخليج تدور حول التعاون الاقتصادي لأنني أرى أن هذا الجانب هو ما يهم شعوبنا، فإذا أردنا أن نبني مستقبل الشرق الأوسط وأن نعزز التجارة والتنسيق الاقتصادي، فيجب علينا أن نتعاون في المجال الاقتصادي، ولهذا السبب أنا بدأت أشجع القطاع الخاص العربي على المساهمة أكثر وأكثر في عملية التنمية الاقتصادية في الوطن العربي، يوم غد عندي اجتماع في العقبة مع مجموعة من رجال الأعمال العرب، لكي نتدارس كيفية تقوية دورهم، أنا أؤمن بأنه يجب على القطاع الخاص أن يأخذ دوره، لأنه سيكون له تأثير أكبر من الحكومات على مستقبل الدول العربية، إذا أردت أن تطور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في أي بلد، فإن الاقتصاديين هم الذين سيفتحون الباب نحو هذا لتطوير، أما السياسيون فهذا الأمر ليس من اختصاصهم، مثلا التجارة بين الكويت والأردن مزدهرة، وأعتقد إن المواطن هنا وفي الكويت يعطي الجانب الاقتصادي أهمية أكبر من الجانب السياسي، لو تساءلنا وبعد خمسين سنة من التعامل بين الدول العربية في الشؤون السياسية فقط، هل الإنسان العربي مرتاح، وهل تطور وضع الدول العربية مقارنة بالدول الغربية والآسيوية؟ للأسف أقولها بصراحة أننا ما زلنا نقف في مكاننا، بينما الآخرون تحركوا وسبقونا، وفي اعتقادي أن من أهم الأسباب هو افتقار القطاع الخاص للدعم، الأمر الذي حال دون حصول تطور نوعي في أحوالنا الاقتصادية والاجتماعية، إذا فتحنا المجال أمام هذا القطاع كي يتحرك فهو الذي سيبني ويمتّن الجسور بين الدول العربية، ولو بقينا ننظّر بعين سياسية فقط، فلن نبني تعاونا ولن يتحسن حال المواطن العربي ولن يحدث أي تطور في أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية.
السياسة: جلالة الملك.. صدام حسين أصبح في القفص هل تعتقدون أن ملف العلاقات العربية المتوترة قد أغلق؟
جلالة الملك: أنا أرى أن هذه صفحة في تاريخ العراق والمنطقة طويت والمسؤولية علينا جميعاً هي أن نمكّن الشعب العراقي ونمنحه فرصة لبناء عراق المستقبل، والأمر المهم بالنسبة لنا هو الإسراع في منح المزيد من السلطات للعراقيين وإقامة حكومة عراقية وطنية منتخبة قادرة ومؤهلة لتحقيق أماني وآمال العراقيين، وتمثّل جميع فئاتهم وشرائحهم، بالنسبة لعلاقاتنا العربية آمل أن يكون ما جرى خلال هذا العام نقطة تحول في العلاقات العربية - العربية، وأن نبدأ مرحلة جديدة نمتلك نحن العرب مفاتيحها.
السياسة: جلالة الملك وفي جبهتك الداخلية لا تزال هناك طبقة من الناس تؤمن بروح الهتاف ورفع الشعارات وأبناء هذه الطبقة ينتمون للخطاب السياسي العربي القديم خطاب الأحزاب القومجية ولا يعترفون بالحراك السياسي وبحقائق العالم المتغيرة والمستجدة .. هؤلاء كيف تتعاملون معهم ومع قناعاتهم، وكيف يمكن إعادة تأهيلهم لمواكبة المعاصرة؟
جلالة الملك: نحن كعرب، مع الأسف نحب الشعارات أكثر من اللزوم، وأكثرنا يقع تحت تأثير متطلبات العاطفة، لا متطلبات العقل والتفكير، ومشكلتنا مع أنفسنا أننا نكبر القضايا على الفاضي، ولا نسأل أنفسنا ماذا فعل أصحاب الشعارات لبلدانهم. المطلوب هو العمل لا القول، رفع الشعارات يندرج في باب القول والتأخر عن العمل، فأنا كمسؤول إذا لم أطور بلدي وأساعد المنطقة لا أكون قد فعلت شيئاً.
نحن نعرف أنفسنا والقضية الأهم عندنا مكافحة الفقر والبطالة وبناء المدارس، نحن لا نبيع المواقف على حساب مواطنينا.
السياسة: جلالة الملك.. ما هو وضع الأردن على الخارطة الاقتصادية والسياحية في العالم، وكيف تراها جلالتكم؟
جلالة الملك: الحمد لله، وضعنا الاقتصادي اليوم أفضل مما مضى، مع ظروف المنطقة تأثر قطاع السياحة وعانينا نحن والآخرون من انكماشها، أما بالنسبة للاستثمار في الأردن فأنا مرتاح جدا للنشاط الاستثماري والصحيح انه لا يزال هناك مجال كبير للتعاون بيننا وبين الدول العربية في مجال الاستثمار، أما الاستثمار الخليجي فهو على ما يرام ويمضي في الطريق الذي نريده، لكن أنا من النوع الذي يطالب بان يكون أكبر وأسرع دائما.
السياسة: جلالة الملك.. لقد استطعت إقفال ملف التسعينات الذي احتوى على توترات بين الأردن ودول الخليج على خلفية الغزو العراقي للكويت، وعلى توترات أخرى مع دول العالم، كيف نجحت في ذلك؟
جلالة الملك: أنا صريح وما في قلبي قلته لكل إخواني المسؤولين في دول الخليج، والحمد لله إن العلاقة مع دول الخليج الآن تكاد تكون مثالية، وأزلنا كل رواسب الماضي، وتردني تقارير من الحكومة أيضاً تؤكد أن التعاون مع دول الخليج متواصل وبشكل متميز، وأن المواطنين أيضاً مرتاحون لما وصلت إليه العلاقة مع إخواننا في الخليج، وأنا لا أقول هذا الكلام من باب الحديث السياسي اللازم للمجاملة، بل من باب القناعة الحقيقية، أنا عندي أصدقاء وإخوان في الخليج وعلاقة المودة بيننا وبينهم قوية جداً، وتعاوننا هو للمصلحة العامة، وكل دولة من دول الخليج تدرك معنا أن قضايا فلسطين والعراق والإرهاب هي قضايا مشتركة، وإذا لم نعمل معا ونتعاون في هذه القضايا، فإن آثارها ستكون على الجميع، وعلى ذكر التعاون والدعم من دول الخليج، هناك ثلاث دول هي السعودية والكويت والإمارات لم تقصر معنا أبدا خاصة في موضوع النفط، وإذا استمر دعم هذه الدول في موضوع النفط، فإن اقتصادنا سيرتاح، لقد تأثرنا بهذا الجانب كثيراً إزاء الحرب على العراق وما نحتاجه هو فسحة زمن نلتقط خلالها أنفاسنا.
السياسة: جلالة الملك.. هل هناك في الوضع الاقتصادي الأردني ألم أو وجع؟
جلالة الملك: طبعاً.. مشكلة تأمين النفط ما زالت تؤرقنا، وهذا الموضوع يؤثر على الموازنة ويؤثر على مشاريع تطوير الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الأردن، لكن كما قلت لك، فإن دول الخليج الثلاث لم تقصر معنا بتاتاً، ونأمل أن يستمر دعمها حتى نتخلص من آثار الحرب على العراق.
السياسة: جلالة الملك.. هل ترى أن الإرهاب في طريقه إلى التصعيد أم إلى الانحسار خاصة وأن أهدافه أصبحت لا تفرق بين المسلمين وغير المسلمين؟
جلالة الملك: كلما أصبح الإرهاب يضرب عشوائياً، وبدون وعي أو إدراك، فإنه بالتأكيد يتخبط... إن ما رأيناه في المملكة السعودية الشقيقة يدمي القلب، فلماذا استهداف هذا البلد المسلم الذي لم يوفر جهداً في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين، إن ما جرى يشكل صدمة لنا جميعاً، لأن الإرهابيين من بني جلدتنا، والمستهدفون عرباً ومسلمين أبرياء، إن أمن واستقرار السعودية نعتبره جزء من أمننا وما يؤثر عليها يؤثر علينا.
جارالله: تعقد الأسبوع المقبل قمة مجلس التعاون الخليجي، ماذا يود جلالتكم مخاطبة إخوانه قادة دول الخليج؟
جلالة الملك: بداية أود أن أهنىء الأخ الكبير سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت باستضافة الكويت الشقيقة هذه القمة المهمة والتي تأتي في ظروف دقيقة تمر بها منطقتنا... وإن شاء الله تكون هذه القمة فرصة لمزيد من التعاون والتعاضد والتكاتف بين أقطار الخليج العربي وهنيئا مرة أخرى للكويت قيادة وشعبا بهذه المناسبة.
وأود من خلالكم أن أتوجه لقيادة الكويت ولشعبها بالشكر والتقدير على دعمهم ومساندتهم ووقوفهم إلى جانبنا، إن أي قرارات تصدر عن هذا الإجتماع الذي يضم ست دول مهمة على المستوى السياسي والاقتصادي له انعكاسات على اشقائهم ممن يوجهون جهودهم لمحاربة الإرهاب الذي أزعج العالم وإلى خطط التنمية التي تدفع بالشعوب إلى الإهتمام برفع مستوى حياتهم بدل الإنخراط بما يزعج جبهاته الداخلية وبما يزعج العالم.
لا شك أن الاجتماع مهم وأن أشياء كثيرة ستنتج عنه خصوصاً وأنه إجتماع قادة مخضرمين وأصحاب خبره ويعرفون توجه العالم الذي أصبح يقول الخبراء أنه قرية صغيرة .