رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء عبد الرؤوف الروابدة حول تطوير التعليم

From King Abdallah II of Jordan
18 نيسان/أبريل 2000

بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزنا دولة الأخ عبد الرؤوف الروابدة حفظه الله
رئيس الوزراء الأفخم

أبعث إليك بأطيب التحيات وصادق التمنيات بالتوفيق وأنت موضع الثقة والتقدير وبعد،

فإنه ومن منطلق حرصنا على النهوض بشعبنا الأردني، ووضعه على خطى التقدم والرقي، ومواكبة المستجدات والتطورات العالمية المتسارعة من حولنا، وحيث أن عالم اليوم قد دخل حقبة جديدة، وهي ما بعد العصر الصناعي، وولوجه عصر المعلوماتية، وبما أن سمات القرن المقبل ستتشكل على هذا المضمار، وسيكون للمعلوماتية وركنها الأساس الحاسوب، السمة الرئيسية في تحديد مختلف التقنيات القادمة، الطبية والزراعية والإدارية والمالية والاتصالات، فإنه لا بد من العمل بكل الطاقات والإمكانيات لانخراط المجتمع الأردني بهذه التطورات العلمية الحديثة واستيعابه لجميع تحدياتها.

وقد جاءت مشاركتنا في مؤتمر دافوس ورعايتنا لمؤتمر تكنولوجيا المعلومات الذي عقد في البحر الميت الشهر الماضي، وشاركت فيه كبريات الشركات العالمية المتخصصة في مجال تقنية المعلومات وعلم الحاسوب، تأكيدا لحرصنا على مواكبة التطورات العالمية، وإيماننا بضرورة أن يتسلح أبناء شعبنا الوفي بكل المستجدات العلمية والتكنولوجية التي لا مناص لعالم اليوم من الأخذ بها واستيعابها.

وترجمة للقرارات التي تم اتخاذها خلال اجتماع مجلس الوزراء، الذي ترأسته في منتصف كانون ثاني الماضي، وعرضت خلاله الخطط الخاصة بالنهوض بالتعليم الأساسي والعالي، ونتيجة لأعمال مؤتمر تكنولوجيا المعلومات، واستنادا إلى توصيات اللجنة المنبثقة عن المجلس الاستشاري الاقتصادي، فإننا نرى ضرورة تنفيذ المواضيع التالية، التي نرى أنها ستعمل على تهيئة القوى البشرية الأردنية منذ مراحل التعليم المبكرة:

أولا: تأكيد أهمية تدريس واستخدام الحاسوب منذ المرحلة الابتدائية وما يتبعها في جميع مدارسنا في المملكة، ويشمل ذلك مدارس وزارة التربية والتعليم والمدارس الخاصة.

ثانيا: إدخال تدريس مادتي مهارات الحاسوب ومادة برمجة، بلغة عصرية، متطلبا جامعيا إجباريا، لجميع طلبة الجامعات الحكومية والخاصة وفي مختلف التخصصات، على أن يتم تدريسها في المراحل الأولى من الدراسة الجامعية.

ثالثا: وحيث أن بعض كبريات الشركات العالمية قد أبدت رغبتها بإنشاء مراكز تدريب متخصصة في الأردن، لتدريب الشباب الأردني الواعد على أحدث ما وصلت إليه التقنيات والبرمجيات الحديثة في هذا المجال، لتهيئة الشباب الأردني على اكتساب مهارات محددة واستخدام حزم برمجية وأدوات رزمية، تؤهله لدخول سوق العمل مباشرة. ولما ذلك من فائدة كبرى تكمن باحتكاك شبابنا الأردني بأفضل الخبرات العالمية، وإطلاعه على التقنيات المتداولة في هذا المجال، فإنه لا بد للجامعات من تطوير قنوات محددة للتعاون مع هذه الشركات بتدريب طلبتها في التخصصات ذات العلاقة، كهندسة وتكنولوجيا الحاسوب، وتكنولوجيا المعلومات، الهندسة الإلكترونية والكهربائية، هندسة الاتصالات، وإدارة المعلومات في هذه المراكز، أو إنشاء مراكز متخصصة داخل حرمها الجامعي، ضمن رزم تدريبية محددة لفصل دراسي، أو خلال الفصول الصيفية ينهيها الطالب بنجاح ضمن خطته الدراسية متطلبا أساسيا لتخرجه من الجامعة.

رابعا: التوسع في برامج الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعاتنا الأردنية بالتخصصات المذكورة سابقا، وبالتعاون مع هذه الشركات، لإنشاء مراكز بحث ومعاهد متخصصة تعنى بعلم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها، وقد أبدت بعض الشركات رغبتها بالاستثمار في البحث والتطوير في جامعاتنا للاستفادة من الخبرات الأردنية المتراكمة في هذا المجال.

خامسا: وتأكيدا على ضرورة أن يشمل هذا التطوير مجتمعنا الأردني بكل فئاته وأقاليمه، وحتى تتاح الفرصة لجميع شبابنا الأردني التعرف على ما هو جديد في هذا المجال، ومن خلال شبكة كليات المجتمع التي تغطي مختلف أنحاء المملكة، فإنه لا بد من تدريس مادة مهارات الحاسوب لجميع تخصصات الإدارة والهندسة، والزراعة والتربية وغيرها.

سادسا: ولما للقطاع الخاص من دور مهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي في وطننا العزيز، شريكا فاعلا في رفد الاقتصاد الوطني، فإنه مدعو للدخول في هذه المجالات على قدم المساواة مع نظرائه من القطاع العام، والاستفادة من الخبرة المتبادلة مع بيوت الخبرة العالمية في هذا المجال.

إننا على ثقة أكيدة بأنه كنتيجة للخطوات التي اتخذتها الحكومة، والجهود التي تبذلها لوضع الوطن العزيز على طريق النمو الاقتصادي بالإضافة إلى ما تقوم به من تنفيذ للتوصيات التي تمخضت عن اجتماعات المجلس الاستشاري الاقتصادي فإننا سنلمس نتائج ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة بإذن الله، وسيكون لشعبنا العزيز، كما كان دوما، دوره الفاعل في المجتمع الإنساني.

والله يحفظكم ويرعاكم ويوفقنا جميعا لما فيه خير وتقدم الوطن الغالي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله الثاني ابن الحسين