رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء معروف البخيت حول التعليم العالي
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
أبعث إليك ولزملائك الوزراء بأطيب تحياتي وأمنياتي بالتوفيق وبعد،
فقد ارتكزت رؤيتنا لبناء الأردن النموذج على دعائم أساسية تشكل بمجملها متطلبات هامة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة, وتوفر بيئة تكون العدالة والحرية والحياة الكريمة أبرز سماتها ومازالت قناعتنا راسخة بأن الإنسان الأردني هو المحرك والدافع للعملية التنموية ونقطة ارتكازها، وكان حرصنا وسيبقى منصبا على الاستثمار في الإنسان الأردني عبر التعليم والتدريب لتسليح الأردنيين بالمهارات والخبرات التي تجعلهم متميزين على الدوام إن شاء الله.
وانطلاقا من أن التميز مرامنا والتعليم وسيلتنا وسلاحنا، فقد شكل موضوع التعليم العالي أحد أهم أولوياتنا الوطنية باعتباره عنصرا رئيسيا في مسيرتنا التنموية تتقدم مسيرتنا بتقدمه وتتأخر بتأخره.
وتأسيسا على أهمية قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الإسراع في عملية الإصلاح والتحديث التي يجري العمل فيها على قدم وساق، وما تتطلبه المرحلة القادمة من خريجين يمتلكون المهارات والقدرات اللازمة للتعامل مع مختلف التطورات التكنولوجية والتقنية، ومن أجل الاستمرار في البناء على ما تم تحقيقه خلال الأعوام الماضية, فإن الحاجة أصبحت ضرورة ملحة تتطلب وجود خطة إستراتيجية تعالج التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي, وتهدف إلى إعداد خطط عمل تنفذ ضمن برامج زمنية واضحة وصولا إلى مستوى التعليم العالي الذي نريد أن يمتلكه الأردن ويفيد منه الأردنيون.
واليوم، وقد شارف ملتقى التعليم العالي على بدء أعماله خلال الفترة من 11 إلى 12شباط 2007 تحت عنوان "استراتيجية التعليم العالي في الأردن"، ولكي تأتي أهدافه منسجمة مع رؤيتنا للتعليم العالي واقعا ومستقبلا، فقد حرصنا أن نوجه الحكومة لاستغلال هذا الملتقى المهم والتركيز على مجموعة من القضايا الهامة لتطوير مسيرة التعليم العالي والبحث العلمي في المملكة.
ويأتي في مقدمة هذه الأهداف: ضرورة تبني سياسات وبرامج لتطوير نوعية التعليم العالي في الأردن، وتتماشى مع أفضل المعايير والممارسات الدولية، وأن تساهم هذه السياسات والبرامج أيضا في تعزيز تنافسية قطاعنا التعليمي في المنطقة والعالم، بالإضافة إلى أهمية تبني سياسات تعليمية متطورة تكون مرجعية لأسس القبول في جامعاتنا، وترمي إلى تحديث المناهج وأساليب التدريس، وذلك بهدف تطوير جودة ونوعية مخرجات التعليم العالي في الأردن لإعداد كفاءات متخصصة وقادرة ترفد أسواقنا المحلية والإقليمية والدولية.
كما نأمل أن يتوصل المؤتمر إلى بلورة استراتيجيات ومصادر تمويل بديلة للجامعات الرسمية بهدف الحفاظ على نوعية التعليم واستمرار تطورها ونأمل أيضا أن يصار إلى ترسيخ بيئة تعليمية تضمن التأسيس لمبادىء جوهرية مثل: تكافؤ الفرص التعليمية أمام الشباب الأردني، وتعزيز دور صندوق الطالب الجامعي بحيث يتم توجيه الدعم لأكبر عدد من الطلبة المحتاجين والمتميزين، وإدخال مفاهيم ضبط الجودة والنوعية في مختلف مكونات ومراحل نظام التعليم العالي، وتأكيد دور الجامعات في تشكيل الوعي وتعزيز ورفد الهوية الوطنية، والتوصل إلى إطار مؤسسي واضح للبحث العلمي يكفل توفير الدعم اللازم لتحسين مستويات ومخرجات البحث العلمي خاصة التطبيقي منه، وذلك من خلال تشجيع أعضاء هيئات التدريس والشباب الأردني في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية على المزيد من الإبداع والتميز، والربط بين الجامعات والمؤسسات البحثية ومؤسسات القطاع الخاص بما يضمن تكامل وتوحيد الجهود الراعية للبحث العلمي ومنع ازدواجيتها وتضارب جهودها.
وفي الختام، فإننا نود تأكيد ضرورة أن يبني هذا المؤتمر على ما تحقق من إنجازات من أجل التوصل إلى نتائج وتوصيات عملية وتحديد الخطوات المستقبلية الواجب تنفيذها من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي الذي تنعكس مخرجاته على غالبية الأردنيين.
نسال الله العلي القدير أن يوفقكم وزملاءكم الوزراء ويسدد على طريق الخير خطاكم لتحقيق تطلعات شعبنا وصولا إلى الأردن النموذج الذي ننشد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبدالله الثاني ابن الحسين