رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء معروف حول تحسين الأداء الحكومي
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ الدكتور معروف البخيت حفظه الله
رئيس الوزراء الأفخم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيسرنا أن نبعث إليك ولزملائك الوزراء بتحية عربية هاشمية، ملؤها المودة والاحترام، وتمنياتنا لكم بالتوفيق في سعيكم لتحقيق ما نتطلع إليه من إنجازات تساهم في رفعة ومنعة الوطن العزيز.
أما وقد صدرت إرادتنا الملكية بالموافقة على إجراء تعديل وزاري على الحكومة من أجل تنفيذ مجموعة السياسات والبرامج الحكومية ذات الأولوية، فإننا نود التأكيد لك ولزملائك الوزراء أن المرحلة القادمة تستدعي حتما الانتقال من وضع الخطط التي تحدد حاجات المواطن وهمومه إلى مرحلة التنفيذ والإنجاز، من أجل أن يلمس شعبنا الغالي نتائج فعلية على ارض الواقع.
ولقد حقق الأردن خلال الفترة الماضية إنجازات عديدة في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وهي مصدر فخر واعتزاز لكل الأردنيين والأردنيات الذين عملوا بجد وتفان وإخلاص لخدمة الوطن وإعلاء شأنه، وإن كنا نشعر بعين الرضى والاعتزاز بهذه الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية، فإننا لا نقلل من حجم التحديات والاستحقاقات التي ما تزال ماثلة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهي التي تلهمنا وتدفعنا إلى تحقيق المزيد من الإنجاز في مواجهة الصعب من التحديات.
إن تعزيز قوة الوطن ومنعته يعتمد بالدرجة الأولى على تقوية جبهته الداخلية، وذلك عبر إحداث تقدم وأثر ملموس وجدي في واقع وظروف معيشة المواطنين، بالإضافة إلى تحقيق عدالة أكبر في توزيع مكتسبات التنمية في شتى أنحاء المملكة، وتعزيز الثقة بأجهزة الدولة من خلال آليات واضحة للمساءلة والمحاسبة على الإنجاز ولا شيء غير الإنجاز، ولذلك فإن تحسين الأداء الحكومي والقدرة على التنفيذ هما من أهم أولوياتنا الوطنية في سعينا لتحقيق نهضة الأردن وتقدمه ورفاه أبنائه وبناته.
ولذلك فإنني أعهد إليك ولفريقك الوزاري، بالإضافة إلى ما تضمنه كتاب التكليف للحكومة بالعمل على تنفيذ حزمة واسعة من السياسات والبرامج والمشاريع الأساسية خلال المرحلة المقبلة، التي لمستها في زياراتي وجولاتي في المحافظات ولقاءاتي بالمواطنين، ومن أهمها:
أولا: الإسراع في تنفيذ حزمة المشاريع الخدمية والتنموية الهامة التي تمس حياة المواطنين وفي مقدمتها إنشاء مستشفيين في الزرقاء والبقعة، ومشاريع البنية التحتية في قرى غرب جرش وفي مناطق المزار ومؤتة والعدنانية في محافظة الكرك وجنوب عمان ومنطقة السخنة في محافظة الزرقاء، وإقامة عدد من السدود ابتداء من محافظتي عجلون والكرك.
ثانيا: العمل على تقديم الدعم اللازم لمساعدة المزارعين على تحسين القدرة التنافسية للإنتاج الزراعي ليغدو أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، بحيث تتضمن هذه البرامج تأسيس صندوق يساعد على تقليص المخاطر التي يتعرض لها المزارعون من أجل تحفيزهم على العمل وضمان استمرارية الإنتاج في هذا القطاع الحيوي.
ثالثا: إعداد إستراتيجية للنهوض بقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتوسع في تقديم التمويل اللازم لهذه المشاريع، وذلك من اجل إتاحة الفرص لشباب الوطن للعمل ودعم أفكارهم الريادية والإبداعية.
رابعا: الإسراع في تنفيذ مشروع المنطقة الاقتصادية التنموية في محافظة المفرق، وإعادة النظر في برامج التدريب المهني والتقني من أجل تهيئة العمالة الأردنية، وتسليحها بالمهارات التي تلبي احتياجات هذه المنطقة والمناطق الجديدة التي سنعمل على إطلاقها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
خامسا: تأسيس مدينة صناعية في محافظة الطفيلة، واستكمال المدينة الصناعية في محافظة معان، والتوسع في نشاطاتها والحوافز الاستثمارية التي توفرها، لجذب المزيد من الاستثمارات إليها للمساعدة على توفير فرص العمل والعيش الكريم لأبناء هذه المحافظة.
سادسا: إطلاق حزمة جديدة من المشاريع والمبادرات للنهوض بقطاع التعليم والتعليم العالي والثقافة والشباب، بما يضمن توفير البنية التحتية والفكرية المناسبة لتعليم وتثقيف النشء الجديد، المتسلح بالإيمان بالوطن وبهويتنا العربية والإسلامية، والمعتز بالقيم الحقيقية لديننا الإسلامي الحنيف، بعيدا عن التعصب والغلو والتطرف، والعمل على تعزيز دور الجامعات والمؤسسات الشبابية والثقافية في تنمية المجتمعات المحلية.
سابعا: الإسراع في تنفيذ المشاريع التنموية الكبيرة، وفي مقدمتها مشروع توسعة مطار الملكة علياء الدولي وإعادة تأهيل مدارج المطار الحالية، والبدء بتنفيذ مشروع سكة حديد عمان الزرقاء، والعمل على زيادة السعات التخزينية للنفط الخام في العقبة، وتوسعة مصفاة البترول الأردنية، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع المركز الحدودي في الكرامة، واستكمال بناء قصور العدل في المحافظات، وتنفيذ مشروع تطوير وسط مدينة اربد، واستكمال المدينة الرياضية في محافظة مادبا.
ثامنا: إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية والاستثمارية في الدولة، بما يضمن وجود آليات واضحة لاتخاذ القرار الاقتصادي، بمنأى عن التداخل والازدواجية، وبما يحقق أقصى درجات التنسيق والتكامل في سياسات الدولة الاقتصادية.
تاسعا: وفي مجال التشريع، يتحتم التعاون مع مجلس الأمة لإنجاز حزمة الإصلاحات والتشريعات الاقتصادية والسياسية التي تم التوافق عليها في ملتقى "كلنا الأردن" ولم يتسن إقرارها خلال الدورة الاستثنائية السابقة.
وإننا إذ نشدد على أهمية هذه الإصلاحات والبرامج التي تـعـد جزءا أساسيا من وثيقتي "الأجندة الوطنية" و"كلنا الأردن"، فإننا نؤكد أيضا حرصنا على الإسراع في عملية التنفيذ، وإعداد خطط عمل وبرامج زمنية وعملية وواقعية ومؤشرات لقياس مستوى الأداء والإنجاز، آملين أن يفضي هذا الجهد إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين والخدمات المقدمة لهم.
نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا لخدمة شعبنا العزيز وليبقى الأردن الوطن والقدوة والأنموذج. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
عبد الله الثاني ابن الحسين