جلالة الملك يعهد للأمير الحسن باستئناف مشروع حوار الحضارات

عمان
15 تشرين الثاني/نوفمبر 2001

صاحب السمو الملكي الامير الحسن بن طلال حفظك الله ورعاك

ابعث اليك بوافر المودة وجزيل المحبة وبعد،،

فقد عرفت فيك منذ نعومة اظفاري عما محبا بل اخا وفيا، اذ تربى كلانا في كنف المغفور له جلالة الحسين السيد العظيم، ونهلنا من عطائه الاسري الرحيم ومن فكره العربي الاسلامي القويم، كما واكبت نشاطاتك في المحافل الدولية خلال السنوات التي خلت ، مثلما كنت قبل ذلك اراقب نشاطاتك في الشؤون الوطنية عونا للملك الراحل لعقود من السنين، حتى استقر لك موقع مميز في مجتمعنا وفي العالم بأسره، يقدر لك تميزك في ادائك واخلاصك للمهام والمسؤوليات التي تنهض بها، كما اكتسبت في المحافل الدولية مكانا مرموقا بين رجال الفكر وفي صفوف النشطاء دفاعا عن مكانة الاسلام وحضارته وعن العرب وحقوقهم واحقيتهم بالمكان الملائم بين الامم، ورعيت تجربة كتابة تاريخ بلاد الشام واوليت اهتمامك لما كتب من تاريخ الامة بجميع اللغات، كما شملت نشاطاتك الدؤوبة الاهتمام بتيسير اللغة العربية للدارسين، والعمل على بلورة السمة الحضارية للامة، وابليت بلاء حسنا في تاسيس منتدى الفكر العربي قبل عقدين من الزمان، وارتقيت باعماله حتى اضحى برئاستك يضم نخبة من رجال الفكر العربي من مشارق ارض العرب ومغاربها، يثري عطاؤها الفكري تراث الامة ويسمو بمنزلتها في ميدان الفكر الانساني، وسلكت طريقا قويما لاثراء الحوار بين اتباع الديانات في العالم، واعتنيت في الوقت نفسه بانماء العلوم وابحاثها في الوطن وفي نقل التكنولوجيا وتطويرها، حتى غدا المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا ومراكزه برئاستكم عنوانا للجهد الوطني في هذا المضمار.

وتشكلت لك بجهدك المتواصل شبكة من الاصدقاء والزملاء والمعارف في شتى انحاء العالم، فتبوأت اضافة الى مواقعك القيادية التي ذكرت، مناصب عالمية بينها رئيس نادي روما الذي يضم نخب المفكرين في العالم، ومقرر المؤتمر العالمي للديانات والاسلام، ومراكز اخرى لدراسات السلام.

ولا غرو في اندفاعك لاداء هذه المهمات الجليلة، فقد كتب علينا // نحن بني هاشم// ان نسلك هذه الدروب دفاعا عن الامة منذ ان شرفها الله بمحكم التنزيل على خاتم الانبياء والمرسلين، فله سبحانه الشكر الدائم من عباده الصالحين ولك عنده من مساعيك الاجر والثواب الكبير.
صاحب السمو الملكي, العم العزيز
ما زالت التحديات تواجه بلدنا وشعبه الوفي الكريم , والعقبات ما انفكت تعترض السبل التي نسلكها في سبيل النمو وتحسين معيشة شعبنا ,الذي استحق ويستحق منا جميعا كل جهد لخيره ورخائه, والتحديات على تواترها مترابطة يؤثر العالمي والاقليمي منها على الوطني ,وقد بذلت جهودك طيلة العقود الماضية في كافة المحافل والمنابر والميادين الدولية والاقليمية ,فتوفرت بجهدك الدؤوب على خبرة فريدة واسعة ,امل ان تسهم فيما نحدده لكم في الاستعدادات الاردنية لمواجهة التحديات التي اشرت اليها

ولما اعرفه فيك من غيرة هاشمية ,اردنية ,ومن حماس للعمل من اجل خير البلاد ,فقد ارتايت ان اعهد اليك باستئناف المشروع الحضاري الكبير في ادامة وتنشيط الحوار بين اهل المذاهب الاسلامية من منطلق الفهم والتفاهم والقبول المتبادل كل لاخوته في الدين ,وكذلك تادية مهمة عزيزة علينا, وهي ابراز الهوية الاسلامية على حقيقتها الوسطية التي ارادها الله لنا بقوله تعالى :" وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " صدق الله العظيم. وليكن مشروعك الحضاري هذا منبرا تتراسه وترعاه ,تنظم من خلاله ندوات للحوار بين الحضارات والثقافات ,واخرى للحوار بين اتباع الديانات تعمل على اثراء ندواتها بفكرك النير وعلى التواصل مع اتباعها وتوطيد العلاقات معهم, وبخاصة تقوية اواصر الاخوة التاريخية والتكافل والاحترام القائمين بين المسلمين والمسيحيين في بلدنا ,وبامكانك من خلال هذا المشروع ان تتواصل مع مؤسسات ال البيت القائمة وتتفاعل معها وستتجاوب هذه المؤسسات للمساهمة في دعم جهودك الى المدى الذي ترتايه اضافة الى مساهمات المؤسسات والمراكز التي تتراسها, فعلى بركة الله ولكم مني ومن حكومتي في سبيل انجاح هذا المشروع المباركة والدعم ,وللاخوة المثقفين والمفكرين الذين عملوا ويعملون معك الشكر والتقدير العميق .