خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال

خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال

الأردنعمان
25 أيار/مايو 2008

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة والأخوات الأعزاء

الله يعطيكم العافيه، وأهلاً وسهلاً بالجميع، وكل عام وأنتم والوطن بألف خير.

لقاؤنا في هذا اليوم المبارك، وبهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، عيد الاستقلال، هو تعبير عن اعتزازنا بهذا الإنجاز التاريخي الذي قام به الآباء والأجداد، وقدموا في سبيله أكبر التضحيات ... الرجال الذين ساروا في ركاب الجد الشهيد المؤسس الملك عبدالله بن الحسين، والملك طلال والحسين الباني ... من حقهم علينا أن نتذكرهم دائما، وأن نبني على ما بنوا، وأن نواصل مسيرة العمل والعطاء للحفاظ على استقلال هذا الوطن وتعزيزه بمفهومه الشامل.

فالاستقلال هو مسيرة من الإنجازات الوطنية التي تعزز مفهوم السيادة الشاملة، وحرية الإرادة، واتخاذ القرار الوطني الحر. وللحفاظ على الاستقلال وبهذا المفهوم، لا بد من ترسيخ الاستقلال الاقتصادي، من خلال الاعتماد على الذات.

كلنا نعرف حجم التحديات والظروف التي تحيط بهذا الوطن، وتؤثر بشكل مباشر على أوضاعنا الاقتصادية. وأنا أعرف الواقع الذي يعيشه أبناء وبنات هذا الوطن العزيز، في مختلف مناطقهم، من الشوبك إلى المفرق، ومن المريغة إلى الأزرق، ومن مخيم حطين إلى القويرة وجرش وغيرها الكثير، في الأرياف والبادية والمخيمات التي زرتها، وتلمست احتياجات أهلها وطريقة ومستوى معيشتهم، وهذا هو شغلي الشاغل وهمي الكبير. وبالمقابل أريدكم أن تعرفوا أيها الإخوة، إن مسيرتنا فيها الكثير من الإنجازات، والعديد من الجوانب المشرقة.

ولذلك، نحن نسير بثقة على الطريق الصحيح، وأنا واثق من قدرة اقتصادنا، وقدرتنا نحن الأردنيين، على مواجهة التحديات، أكثر من أي وقت مضى. وتأكدوا أيها الإخوة أننا نعمل ونواصل الجهود لتلبية طموحاتكم، وتأمين المستقبل الأفضل للأجيال القادمة، ولدينا الكثير مما نعتز ونفتخر فيه من الإنجازات الكبيرة، التي حققناها في السنوات الماضية، وهي مؤشر علـى أن مسيرتنا سليمة، وأن أداء اقتصادنا الكلي، يمضي قدما نحو الأفضل. فهناك ارتفاع في نسب النمو الحقيقي، والقدرة على إيجاد فرص عمل جديدة، وزيادة إنتاجية الفرد الأردني، وهذه كلها حقائق نفاخر بها وبكم، لأنكم أنتم الذين صنعتموها، وجعلتموها واقعا ملموسا، بإرادتكم وعزيمتكم. ولا نريد أن نلتفت إلى أصوات المشككين بمسيرتنا الاقتصادية، والأردنيون النشامى، وكما كانوا على الدوام، مثال في القدرة على تحقيق الإنجازات العظيمة، وعدم الالتفات للمزايدات والمشككين.

وفي هذه المناسبة، أدعو الجميع إلى التمسك بالتفاؤل والأمل ... وتأكدوا أن المسيرة تتقدم، وسنستمر معا لنجني بإذن الله ثمار ما نزرعه اليوم. وأنا أستمد هذا التفاؤل والأمل والثقة بالمستقبل، من ثقتي بالشباب الأردني، ومن بريق الأمل والتفاؤل، المرسوم على وجوههم، ومن إيماني بعزيمتهم وقدرتهم على مواجهة التحديات وصناعة المستقبل، الذي نريده لوطننا، وللأجيال القادمة.

طموحاتنا من أجل رفعة الأردن أولا وحاضرا ومستقبلا، ستبقى متواصلة بكل عزيمة وإصرار. فمنذ أسابيع قليلة تمكنا والحمد لله، من معالجة جانب كبير من المديونية الخارجية، التي كانت تثقل كاهل اقتصادنا الوطني، وتمكنا أيضا من المباشرة في تنفيذ مشروعنا الوطني الكبير "سكن كريم لعيش كريم"، الذي سيوفر المسكن المناسب، للآلاف من الأسر الأردنية، من ذوي الدخل المحدود ... وإلى جانب ذلك، سنستمر بالعمل من أجل تحسين مستوى الخدمات الأساسية للمواطن الأردني، وهي التعليم النوعي والتأمين الصحي الشامل.

الإخوة والأخوات الأعزاء

لقد حرصت منذ أن تشرفت بحمل أمانة المسؤولية، على العمل في الداخل والخارج، من أجل تحقيق طموحات شعبنا، وتحسين ظروفه الاقتصادية، ومواجهة كل التحديات السياسية والاقتصادية، بالعمل والإنجاز، وبالعزم والإرادة ... فالأردن اليوم، وبالرغم من محدودية موارده الطبيعية وإمكانياته، هو في طليعة دول المنطقة، في مجالات عديدة، في مقدمتها التعليم، ونسب النمو الاقتصادي، وكفاءات الشباب الأردني، الذي أثبت دائما، أنه متميز على المستويين المحلي والخارجي. وهذه الإنجازات ما كان يمكن تحقيقها، لولا نعمة الأمن والاستقرار، التي ينعم بها الأردن، والتي هي نتاج جهود قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية. وبهذه المناسبة أتوجه بتحية هاشمية صادقة، مفعمة بالأمل والثقة، لكل النشامى والنشميات، الساهرين على حدود الوطن وأمنه واستقراره.

الإخوة والأخوات الأعزاء

التنمية السياسية وضمان الحريات الأساسية للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز مشاركتهم في اتخاذ القرار، هي حق مكفول في الدستور، وهي متطلب رئيسي، لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة. وهذا لا يمكن أن يكون، إلا بوجود بيئة تسودها قيم الحرية والتعددية والتسامح، واحترام الرأي والرأي الآخر، وسيادة القانون وتكافؤ الفرص ... وضمن هذا الإطار، فقد وجهت الحكومة، للتعاون مع مجلس الأمة، للعمل على إنجاز حزمة من التشريعات المرتبطة بالتنمية السياسية، وخاصة تلك المتعلقة بحماية حقوق الطفل والمرأة، وتيسير الاجتماعات العامة، وتعزيز دور واستقلالية الجمعيات والهيئات الخيرية.

وعلى الصعيد السياسي والأوضاع المحيطة بهذا البلد، فنحن والحمدلله، نتعامل مع هذه الأوضاع والمستجدات، بمنتهى الحكمة والوعي، والحفاظ على أمن بلدنا واستقراره، وحماية مسيرته ومنجزاته، وعلاقاته المتوازنة مع دول الجوار والأصدقاء.

وأما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فنحن واجبنا وموقفنا التاريخي الثابت، هو مساندة ودعم أشقاءنا الفلسطينيين، ولن نتوانى أو نتردد، في القيام بأي دور أو جهد، أو استثمار علاقاتنا مع الدول المؤثرة والمحافل الدولية، لتمكين الأشقاء الفلسطينيين، من الوصول إلى حقوقهم، وإقامة دولتهم المستقلة، على الأرض الفلسطينية. ونحن ملتزمون بهذا الدور، وملتزمون بخيار السلام العادل، وقرارات الشرعية الدولية، ضمن الإجماع العربي، على التسوية السلمية. وسنبقى على قناعتنا، بأننا نحن الهاشميين، نذرنا أنفسنا، لخدمة أمتنا العربية والإسلامية، منذ فجر النبوة، ولن نتخلى عن واجبنا القومي، في الدفاع عن كل قضايانا العادلة.

وفي الختام، أتوجه بتحية الاعتزاز والثقة، إلى كل مواطن ومواطنة، على ثرى هذا الوطن الغالي، وأؤكد على تصميمنا وعزمنا على أن يظل الأردن، قويا عزيزا منيعا، وسنبقى بعون الله تعالى، ثابتين على الحق، نؤدي واجبنا تجاه شعبنا الوفي، ونحمي وطننا وندافع عن منجزاته، بهمة النشامى الأردنيين.

وكل عام وأنتم جميعاً والوطن بألف خير،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته