كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في ملتقى الأعمال الأردني الأميركي الأول

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في ملتقى الأعمال الأردني الأميركي الأول

الأردنعمان
21 أيار/مايو 2011
(مترجم عن الإنجليزية)

بسم الله الرحمن الرحيم

الضيوف الأعزاء،

شكراً لكم. ويسعدني أن أشارك في افتتاح ملتقى الأعمال الأردني الأميركي الأول. كما يسرني أيضاً أن أرحب بضيوفنا الجدد في الأردن، وأن أرى بعض الأصدقاء بيننا اليوم. لقد أنهيت مؤخراً زيارة للولايات المتحدة حيث التقيت الرئيس أوباما ومسؤولين آخرين، وقد وفرت هذه الزيارة فرصة للتأكيد على العلاقة الإستراتيجية الوثيقة بين الأردن والولايات المتحدة.

إن انعقاد هذا الملتقى يؤكد أهمية الدور الأساسي الذي يقوم به القطاع الخاص في بلدنا وعلى امتداد العالم. وبطبيعة الحال، فإن القطاعات الاقتصادية لا تعمل بمعزل عن بعضها البعض، ولدى الأعمال الكبرى قدرات فريدة على الإبداع والابتكار، وفتح أسواق جديدة، وإطلاق المواهب، وتعظيم الفرص.

واليوم تبرز أهمية نقل هذه الفوائد إلى منطقة الشرق الأوسط. وأنا معكم اليوم لأقول أنه لا يوجد مكان مثل الأردن تتوافر فيه الفرص العظيمة والمستدامة والناضجة.

أصدقائي،
إننا نلتقي اليوم في ضوء أحداث تاريخية تعم المنطقة، فالربيع العربي أحدث سلسلة متنوعة من الفعل وردات الفعل، من اضطرابات عنيفة، إلى تظاهرات سلمية، ودعوات للحوار. وفي جميع الأماكن التي شهدت هذه التفاعلات، وصل إلى مسامعنا رسالة رئيسية مفادها رغبة الناس بحياة أفضل، وبتحقيق الأمن الاقتصادي، وبأن يكون لهم رأي مسموع في كيفية بناء المجتمعات، وبأن تحترم كرامتهم الإنسانية.

إن صوت الشباب يشكل قضية أساسية، فهم يمثلون أكثر من ثلاثة أرباع السكان هنا في الأردن. وهم يتوقعون، بل يستحقون، فرصة لبناء مستقبل إيجابي ومزدهر.

إن ترجمة هذه الطموحات إلى واقع يتطلب الكثير من العمل، وهو الأمر المرتبط بما تقومون به في هذا الملتقى. فتعزيز النمو، وتوفير فرص العمل، وتحقيق الازدهار يستوجب العمل مع قطاع خاص فاعل في المنطقة، والمضي أبعد من ذلك عبر شراكات واستثمارات على مستوى العالم.

والأردن عازم على المضي قدماً لتحقيق الإصلاح. فمنذ أكثر من 10 أعوام، بدأت المملكة المهمة الصعبة لتحقيق التغيير الإيجابي الشامل. وقد تخلل هذه المهمة إخفاقات ولكنها لم تخل من نجاحات كبيرة، والتي ستسمعون عنها في هذا الملتقى. كما تم تطوير القوانين وإجراءات العمل، ومضينا أبعد من ذلك من حيث الاهتمام بروح الإبداع والتغيير ورعايتها، لأهميتها في نمو الأعمال وخلق الفرص.

وهناك الكثير من المكتسبات التي سنجنيها. كما أن عزم الأردن على الحفاظ على الوحدة والاستقرار والازدهار راسخ. فاليوم يتبادل قادة المجتمع المدني، من مختلف القطاعات، الحديث حول المستقبل بما في ذلك الإجراءات المطلوبة لتحقيق الأهداف. أما الإصلاحات الاقتصادية التي تم إنجازها، فسيتم تعزيزها، وسنمضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية الأخرى المطروحة. إنني ملتزم بهذا الأمر، والأردن كذلك، وذلك لسبب بسيط: وهو قناعتنا بأن مستقبل شعبنا يعتمد عليها.

ويشكل ما تقدم سببا للاستثمارات والأعمال للتطلع إلى الأردن بكل ثقة، لكنه ليس السبب الوحيد. فالموقع الجيوستراتيجي الفريد، بالإضافة إلى العلاقات الإيجابية المميزة، تجعلنا مركزا مناسباً للتجارة الإقليمية والعالمية. فنحن نتمتع باتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وكندا، وأوروبا، وتركيا، وسنغافورة، والبلدان العربية. وفي هذا الشهر تحديدا، رحب مجلس التعاون الخليجي بطلب الأردن الانضمام إلى المجلس. وهذا الترحيب يؤكد على موقع الأردن الإقليمي المميز، وأجواء الأمن التي يتمتع بها، وقدرته على النمو والتطور، ونحن متفائلون بالمستقبل.

ويعد الأردن بالفعل من أكثر اقتصاديات المنطقة تنوعا وديناميكية. فنحن نعمل بكل جهد لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت المنطقة بقسوة. كما أن الحكومة تبذل أقصى جهودها من أجل تسهيل الحصول على فرص العمل، وزيادة الإنتاجية، وتحقيق النمو الاقتصادي. كذلك نرحب عبر برامج التحفيز الاقتصادي بالمستثمرين من كافة أنحاء العالم. ونحن نحرص على الاستثمار في التعليم والبنية التحتية، كما أن القوانين والأنظمة تحمي الشركات الأجنبية بنفس مستوى حمايتها للشركات المحلية.

ويتميز الأردن بقوى عاملة مميزة من الشباب المؤهّل والمتحمس. وهم يتمتعون بخبرة في أسواق المنطقة، وثقافاتها، وطبيعة المستهلكين. وهذه القوى العاملة تتمتع بمعرفة جيدة بالتطورات العالمية التي تتجاوز حدود المنطقة. فالشباب الأردني نشأ في بيئة عالمية تتوافر فيها إمكانيات التواصل عبر الانترنت وأدوات الاتصال الحديثة. كما يمتاز الأردن بأعلى المستويات إقليمياً من حيث نسبة الناطقين باللغتين العربية والإنجليزية.

وتوفر جميع هذه المواهب المهارات والإمكانيات الملائمة لاحتياجات السوق في قطاعات التصنيع والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والأعمال وغيرها الكثير. كما أن استضافة الأردن لمقرات العديد من الشركات الناجحة يدل على موقع المملكة المتقدم كقاعدة للنمو الاقتصادي على مستوى العالم. ولهذا، فنحن حريصون على تشجيع الفرص الاقتصادية الجديدة.

ويمثل قطاع الطاقة البديلة مجالا اقتصاديا واعدا. فالاستكشافات الحديثة تشير إلى أن الأردن يأتي في المرتبة 11 من حيث احتياطي اليورانيوم على مستوى العالم. وقد حان الوقت لمناقشة سبل الاستفادة من طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والنووية فيما يرتبط بمستقبل الأردن. فأمن التزود بالطاقة، والسلامة البيئية يشكلان أولويات مهمة. وأدعوكم إلى الانضمام إلينا في وضع إجابات خلاقة، تركز على متطلبات السوق المتنامية في مجال الطاقة.

أصدقائي،
أقول بكل صراحة للشركات العاملة في المنطقة: إن الأردن سيبذل كل الجهود من أجل إيجاد فرص جديدة لكم ولنا. وسنعمل ضمن شراكة تجمع القطاعين العام والخاص، وسنوفر جميع الموارد الضرورية لتعظيم الاستثمارات. وسنجلس ونتحاور معكم حول الإجراءات التي يجب إتباعها، والأهداف التي يجب تحقيقها.

إن الأردن ملتزم بالعمل من أجل مستقبل أفضل، وهو ما قاد جهودنا إلى العمل المتواصل من أجل تحقيق السلام في المنطقة. وبمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، سننجح في ذلك. ويدفعنا إيماننا بالمستقبل أيضاً للتصميم على الترحيب بالمشاريع والفرص. ولكننا لا نستطيع تحقيق ذلك بمفردنا، فنحن بحاجة إلى شركاء لبناء ازدهار مستدام في الأردن والمنطقة.

ويجب أن لا تثنينا الاضطرابات التي حدثت في الشرق الأوسط هذا العام عن النظر إلى ما توفره المنطقة من فرص، وهي المنطقة التي تضم 350 مليون مستهلك، وموارد إستراتيجية رئيسة، وفرصة للتواصل مع 3 قارات، ونمو اقتصادي غير مسبوق، وقدرات هائلة أخرى. والشركات العالمية التي ستبادر للعمل المبكر معنا، ستبعث برسالة تؤكد حسن النوايا، وهي الرسالة التي سيتم التقاطها على امتداد المنطقة. وأتمنى أن تكونوا من بين من يأخذ زمام المبادرة.

أشكركم مجددا على مشاركتكم في أعمال هذا الملتقى، وقد أسعدني المشاركة في هذا الحدث المهم، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح.